أيهما الأضعف: الرئيس أم حكومته؟

تكرر انتقاد الرئيس عزيز لحكومته سرا وعلانية، حتى خرج امتعاضه منها عن نطاق السيطرة، وتم توثيقه في بيانات مجلس الوزراء.
و قد أصبح استياء الرئيس من وزرائه وجبة أسبوعية يتقاسمونها بعدالة في “عنبر” مجلس الوزراء، الذي يدخلونه صباح كل خميس إلا نادرا، وينالون فيه من التوبيخ والتعنيف والإهانة اللفظية ما شاء الله، ويخرجون مطأطئين رؤوسهم، ترهقهم قترة، كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة.

وعندما يغادرون القصر الرئاسي- وتكون هواتفهم في مأمن من ” خلية التنصت” التي أرهقها تسجيل مكالماتهم المبحوحة من كثرة ما افترت حناجرهم على الله الكذب نفاقا وتزلفا في وسائل الإعلام والمجالس الرسمية- يــُسرُّ الوزراء لخلصائهم بخيبة أملهم في الرئيس عزيز، ويقولون فيه من القدح والتجريح ما لم يقله مالك في الخمر.
وحدث مرة أن سمعت أحدهم ينعت الرئيس بأوصاف خُيل إلي أنه لن يستطيع معه صبرا بعدها ولو لمجلس وزراء واحد، فقلت له: لمَ لا تستقيل وتـُريح وتستريح؟
قال الوزير-وكان في غاية الجد-: أمران يحولان بيني والاستقالة: الخوف من أن يــُلبسني عزيز تهمة يـُدخلني بها السجن ما بقي في الحكم، ثم إن مـُرتـَّبا معتبرا وحارسا وجلسة في المقاعد الخلفية لسيارة فارهة نعمة لا يرفضها إلا تعيس أو معتوه.
ويزيد الوزير من عنده بيتا من الشعر: من نـِـعم الله علينا أن الناس مقتنعة بأن لا حول لنا ولا قوة، وأن كل شيء بيد الرئيس، وأننا ننفق أوقاتنا في احتساء الشاي و تصفح المواقع الألكترونية، والوشاية بعضنا ببعض لدى الرئيس وأجهزة استخباراته.
هذه هي طبيعة العلاقة اليوم بين رئيس يقر بعجز حكومته ولا يُـقيلها، وحكومة تتندر بما تعتبره “نواقص” رئيسها المسكون بالسلطوية والتفرد بالقرار.
ويبدو أن الرئيس قد ” كسر الأظافر” من حكومته، و استبدلها بحكومة ظل في القصر الرئاسي، حسب رواية أحد الوزراء.
فالإقتصاد و ” الرشاد” أمام ناظريـْه عند طلوع شمس كل يوم، والممر الضيق بين مجلس الشيوخ ومدخل الرئاسة اختصار لمكاتب كل أعضاء الحكومة، يتزاحم فيه أصحاب المظالم كل يوم، حتى إذا تفحمت وجوههم من لفح الشمس أوى أحد مستشاري الرئيس إلى جذع شجرة وارفة الظلال، واستمع برهة لعيـِّـنات من مطالب شعب يدفع من بؤسه وحرمانه رواتب حكومة عاجزة حتى عن الإستماع إليه.
لست أدري أيهما الأعجز: الرئيس أن حكومته؟

أحمد ولد معاذ