الرئيسية » رب محرقة نافعة/ محمد الأمين محمد المختار السملالي
رب محرقة نافعة/ محمد الأمين محمد المختار السملالي
ليست كل المحارق دائماً سلبية؛ فقد أدت محرقة الصهاينة للمسجد الأقصا إلى إثارة الشعور الإسلامي، وأجبرت القادة على الاجتماع في إطار مشروع إسلامي يتجاوز القوميات الضيقة، حمل عنوان “المؤتمر الإسلامي”، وهو وإن كان ردا دون المستوى، فإنه يبقى مظلة إسلامية تأوي إلى أفيائها شعوب الأمة وتوسع أطنابها متى ما صح منها النهوض والعزيمة.
واليوم بعد ما دُحر الصهاينة عن بلاد شنقيط الطاهرة، في خطوة لا يُقدم عليها إلا الشجعان، ها هو أحد أذيالهم يكرر المحرقة الثانية، لكتب العلم ودواوين الفقه الإسلامي، العامرة نوراً وضياءً، من الآيات والذكر الحكيم.
إن محرقة الغوغاء في الرياض هي أيضا ضارة نافعة؛ فقد أضرت بنسختين أو ثلاث من بين آلاف النسخ المطبوعة، وأمثالها من المخطوطة، وأمثالها من المحفوظة، ولكنها نفعت في جوانب عديدة، لم تكن لولا سفاهة أولئك الغوغاء، لتظهر للعيان، وإن كانت معلومة لذوي الاطلاع
حقيقة العصابة:
لقد كشفت المحرقة – لعموم الناس الطيبين المسالمين – حقيقة أن هؤلاء الغوغاء، لا يهدفون إلى رفع مظالم معيّنة عن بعض فئات المجتمع، وإنما هم يحملون حقداً ونقمةً طاغية على دين المجتمع وشريعته، وأنهم – فوق ذلك الحقد والطيش – يعانون من جهل مزمن، جعلهم يحمّلون المظالم المزعومة أحياناً للنسخة المحلية من مذهب مالك، وأحيانا لمذهب مالك رضي الله عنه وأرضاه,, ومن أين للجاهل – مثلهم – أن يعلم أن أحكام الرق في الشرع الإسلامي لا تخص نسخة محلية ولا أخرى مالكية، ولكن هذا كتاب الله تعالى وتلك سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فليحرقوهما!
فقد رتب الله تعالى – الحكيم الخبير – ما شاء من الأحكام في التفريق بين الذكر والأنثى وفي التفريق بين الحر والعبد، وفي طاعة المولى لسيده، وفي رفق السيد بمولاه، وأثبت ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، في سنته الغراء، وكان آخر ما وصى به صلى الله عليه وسلم: (الصلاة وما ملكت أيمانكم).. فما زالت للمحرقة بقية لم تلتهمها إذن!
وانكشفت الحقيقة أيضاً بـ”صلاة اللعب” التي أقيمت في الشارع، في حين أن المساجد تغص بالمسلمين الإخوان من أبيض وأسود، لا يفرق بينهم إلا سابقتهم في الصفوف وفي حضور الصلاة. انكشفت الحقيقة لعموم هذا الشعب المسلم المسالم، للأسود منه والأحمر، وقد كان منهم من لا يعرف عن هذه العصابة سوى ما يسمع من محاولتها زرع الشقاق بين فئتين لا غنى لإحداهما عن الأخرى، فزاد ذلك ضغثاً على إبّالة.
حقيقة المشاركين:
لم تُصب نار الغوغاء أحداً أكثر مما أصابت وأحرجت بعض السياسيين والكُتّاب الذين يتعاطفون مع تلك العصابة، ويسوغون لها ويروّجون، فقد اضطرتهم مراعاة الهيجان الشعبي – وهم في الغالب طلاب سلطة أو جاه – إلى استنكار المحرقة، لكنه استنكار لم يفلح في إخفاء شحنة التعاطف مع الذي تولى كبر الجريمة، وابحث في مجمل الإدانات عن تعليلهم للاستنكار، فلن تجدهم يستنكرون إهانة العلم الشريف وأهله، أو التعدي على الثابت المعلوم من أحكام الشرع الحنيف، ولكنهم أحيانا يرفضون الحرق، فقط “لأنه لا يمثل ثقافة البلد”، وثقافة البلد ليست شيئا مقدسا، فليس من المطلوب من كل أحد أن يمثلها فضلاً عن أن يقدسها، وأحياناً “لأن حرق الكتب – أيا كانت – ليس عملاً حضاريا، والكتب “أيا كانت” تشمل كل ما يكتبه البشر حتى “الآيات الشيطانية”، وقد كان أحد هؤلاء المتعاطفين – وهو يتظاهر بالاستنكار – أكثر صراحة حين أدرج الجريمة في إطار ما سماه بالحرف (منظومة كبيرة تبدأ بحرق القرآن إلى تحريم “الآيات الشيطانية”).. فهل بوسعنا أن نجد جوابا للسؤال: أيهما أكثر خطراً وأحوج للإدانة؛ حرَّاق دواوين الشرع أم المدافع عن الآيات الشيطانية؟!!
أما البعض من أصدقاء العصابة، من مدمني الكتابة في كل شيء، فقد انحنوا أمام العاصفة حتى تمر، أو غلبهم الإحراج، فلم يصدر عنهم تصريح ولا مقال، وذلك أيضاً يظهر حقيقتهم، في وسط ينتظر منهم – كما عودوه – التعليق على كل شاردة وواردة. حتى إذا اعتقل الذي تولى كبر الجريمة بدأوا يخرجون عن صمتهم وخجلهم، ليستأنفوا “الأسطوانة الحقوقية” وحق السجين.. إلى آخر الأغنية.
المؤسف من جانب آخر هو مدى تغلغل الحزبية الضيقة في صفوف الكثير من شبابنا المعوَّل عليهم في مستقبل البلاد، فرغم شناعة هذا المنكر، لوحظ التزام الكثيرين منهم بصمت القبور في فضاء مواقع التواصل، انتظاراً من كل منهم لبيان حزبه، ليزن به عباراته وتعليقاته.
إننا أمام شركاء كثيرين في الجريمة، كان بيرام على حق حين استغرب هجومهم عليه، وقد كان عهده بهم متعاطفين معه، في حين أن أفكاره لم يجدَّ فيها جديد، سوى خروج بعضها إلى حيز التنفيذ، فقد كان يتعدى بساقط العبارات “اللائقة به” على الأعلام من أمثال بداه وابن عدود، ويصرح بما هو أشنع من كل شنيع، فماذا يساوي حرق كتاب في مقابل التعدي على أعلام الإسلام؟! ورغم كل ذلك ما كانوا ليدينوه ولا ليكفوا عن التعاطف معه وترويجه في “الإعلام المستقل!” التابع لهم.. وإذا كان هؤلاء الشركاء في الجريمة، قد شاركوا فيها بالتعاطف مع العصابة ونصرها والسكوت على تجاوزاتها المتكررة المنكرة، فإن هناك شركاء من نوع آخر كان نصيبهم من “النار المجنونة” أنهم مهدوا لها – بوعي أو بدونه – منذ عقود خاليات، بدأت مع متطرفين من “السلفية”، أظهروا الاستهانة بالعلماء – على طريقة الخوارج – ووصل بهم السفه أحياناً إلى إحراق مصنفاتهم، وانتهت أخيراً ببعض من “المتعلمنين” من ذوي السابقة “الإسلامية” ما فتئوا كل يوم يخرجون علينا بجديد من تسفيه اجتهادات العلماء وتبخيسها وإحراقها معنوياً ولفظياً، مما أوهن قيمتها في نفوس أتباعهم، من نابتة العصر، الذين وصل الحال ببعضهم إلى القول بـ”إباحة الكفر”!!!
حقيقة الشرع الحنيف:
أعادت محرقة الغوغاء إلى الواجهة قضية “الرق ومشروعيته”، وذلك أمر مفيد، من حيث إنه يبعث على نوع من “طلب العلم” من قبل النخب خصوصاً، التي تأخذ أكثر علمها من “محركات البحث” بدلاً من الرجوع إلى العلماء ورثة الأنبياء؛ كثرت الأسئلة عن مشروعية الرق في الإسلام عموماً وفي موريتانيا خصوصاً.
ذلك أنه – مع انتشار المفاهيم الغربية في ما يسمى بالمساواة والحرية – صار الكثير من النخب يأخذونها مسلمات، حتى إذا عادوا إلى الشرع الإسلامي فوجدوا ما يخالفها، وقعت الواقعة! فمنهم من يلوي نصوص الشرع ويتأوَّلها لتوافق المفاهيم المستوردة، ومنهم من يتهرب من الأمر ومن مناقشته، ومنهم من يلجأ إلى “التاريخانية” أي محاولة ربط ذلك التشريع بزمان معين، وكأن الشرع ليس صالحاً لكل زمان زمكان، ومنهم من يدرك حقيقة الأمر ومشروعيته، فيصب هجومه على كتب معينة أو علماء معينين، لأنه لا يستطيع أن يهاجم القرآن الكريم مباشرةً، تقية وجبناً ومن هنا تجد الكثيرين وقد استقر عندهم أن “الرق” – في حد ذاته سواء في موريتانيا أم في غيرها – هو ممارسة همجية مقيتة واستهانة بحقوق الإنسان، ولهذا السبب – دون غيره – يجب القضاء عليها واستنكارها.
هنا مربط الفرس، وفي اعتقادي أن على من استقرت لديهم هذه الفكرة، أن يتوقفوا قليلاً ليراجعوها، فيطرحوا على أنفسهم أسئلة من قبيل:
لو كان الرق – في حد ذاته – ظلماً، فهل يصح أن يقره الشرع الحنيف، ويمارسه الأنبياء الكرام، ولو للحظة واحدة؟
لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد القضاء عليه بالتدريج، أما كان الأسهل والأجدى أن يعلن تحرير كل ما عنده من الأرقاء، حتى يكون قدوة لغيره في ذلك؟ من كان سيمنعه؟
إنها أسئلة صادمة، ولكنها ضرورية، حتى نقف مع أنفسنا وِقفةً نحقق فيها معنى الانصياع لتشريع الرب الحكيم، ونمتثل قوله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من أمرهم).
ثم لنقف مع قصة خلق سيدنا آدم وأمر الملائكة المكرمين بالسجود له، لنتساءل: هل السجود للبشر يتفق مع “كرامة الإنسان ومساواة الإنسان وحقوق الإنسان”؟؟
إنه سؤال طرحه من قبل “إبليس” عليه لعنة الله، و(أبى أن يكون مع الساجدين)، فمن منا يريد أن يتخذ سبيله ويسلك طريقه؟
لا تستغرب أخي القارئ أن تجد من يجيب بالإيجاب؛ فلقد كان أمل دنقل ممن اختاروا طريق إبليس من دون مواربة، في قصيد يتغنى به الملحدون في كل حين، وينشر في دولة من أكبر دول الإسلام، من دون اعتراض يذكر، في حين يسوَّق لنا هذا الشاعر باسم النضال والحقوق، هل تدري أنه القائل: المجد للشيطان .. معبود الرياح
من قال: لا..
في وجه من قالوا: نعم من عـلــّم الإنسان تمزيق العدم من قال: لا .. فلم يمت وظل روحاً أبدية الألم !
ثم لنطرح سؤالاً آخر: ما مدى تأثير الصورة القبيحة للاستعباد الغربي في تشكيل الذهنية عن الرق بشكل عام، من دون تمحيص في الفرق بين الممارسة الإسلامية والممارسة الغربية؟
لا يخفى أن “الرق الغربي” قد وصل درجة من الاستهانة بالنفس الآدمية لا يمكن أن يصل إليها الشيطان في أعتى تجلياته، ولا غرو – لذلك – أن يحمل السمعة السيئة المتداولة، وتحضر صورته القبيحة إلى الذهن مع أي استدعاء لمفردة من مفردة “الرق”، ولا غرابة في ذلك في محيط غربي مشبع بخلفيته التاريخية القريبة العهد، ولكن في محيط إسلامي كمحيطنا أليس الأولى أن يستدعي الذهن صوراً من قبيل “زيد بن حارثة” أو أم المؤمنين “مارية القبطية”، أو عكرمة مولى ابن عباس، أو نافع مولى ابن عمر.. إلى آخر القائمة المكرمة؟!
وعطفاً على سؤال “مشروعية الرق” من أساسه، طرح البعض – محقّين – إشكالية الرق في بلاد السيبة، وما تعرضت له الفئة السمراء من اضطهاد وتمييز، ليصلوا إلى الجوهر: لماذا سكت العلماء عن هذا الإجرام واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
وفي محاولة لكشف هذا الالتباس؛ أظن أن الجواب يحتاج إلى عرض مسألتين، من دون التهوين من شأن وقوع الأخطاء وتوارثها في أي مجتمع من المجتمعات:
إحداهما أن فتاوى العلماء ظلت طافحةً بالتنبيه إلى حقوق الأرقاء ووجوب معاملتهم بالحسنى، ولكن من يهتم بنشر هذه الفتاوى؟ ومن يتفرغ لمطالعتها؟ على الأقل يمكن الرجوع إلى فتاوى لمرابط ولد متالي رحمه الله تعالى، كمثال.
والمسألة الأخرى أن ظلم الفئة السمراء في تاريخ السيبة، ما هو إلا نتاج لحالة الفوضى أو – بالأصح – “الحرب الأهلية” التي كان يعيشها المجتمع، وهي ظروف تجعل الفئات الأضعف في المجتمع تتأثر بالسلبيات أكثر من غيرها، بينما الواقع أن الجميع كان يئن تحت وطأة الظلم والفوضى، وهذا ما جعل العلماء الواعين بترتيب الأولويات يهتمون بمكمن الداء الأساسي، ألا وهو ضرورة نصب الإمام، لأن بنصبه تطبق أحكام الشرع عامة، ومنها حقوق الأرقاء.
ولو نظرنا في تاريخ جارتنا الشمالية، والتي (نحن منها وهي منا لولا مفاهيم الاستعمار)، حيث هناك سلطة ونظام، لوجدنا نماذج مشرفةً لقيام العلماء بالحق في وجه السلطان، إنصافاً لمن يظلم سواء كان حرا أو رقيقاً؛ وأذكر هنا بأمر العالم المغربي سيدي عبد السلام جسوس (ت: 1121هـ) مع السلطان المولى إسماعيل الذي كون جيشاً من الحراطين الأحرار، سماه “جيش البخاري”، فما كان من هذا العالم إلا أن أفتى بحرمة استعباد الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، وتحمل في ذلك الإهانة والتعذيب حتى الموت. لم يطلب ذلك العالم المسلم (أو الفقيه التقليدي!) من موقفه شهرةً في الشرق ولا في الغرب، ولكنه كان يحس مسؤوليته في قول الله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبينُنّه للناس ولا تكتمونه)
وختاماً؛ إنها دعوة لإعادة التفكير تتوخى طرح الأسئلة أكثر من الجزم بالأحكام، التي لا يجزم فيها إلا العلماء من أهل الفتوى والاختصاص. ثم هي دعوة إلى أن نشكل مفاهيمنا عن “الإنسان والكون والحياة” انطلاقاً من ديننا الذي هو شرع الله الحكيم الخبير، لا أن نستورد الصور الجاهزة والخلفيات المستهجنة من الآخرين، فنطبقها على واقعنا.
سيترك فيسنتي دل بوسكي مدرب منتخب إسبانيا لكرة القدم مقعداً للمهاجم المصاب دافيد فيا في تشكيلة "لا فوريا روخا" التي ستدافع عن لقبها في كأس أوروبا 2012 الصيف المقبل في بولندا وأوكرانيا. […]
توقّع المدرب الإيطالي فابيو كابيلو أن يواجه خلفه روي هودجسون صعوبةً في مهمّته مع المنتخب الإنكليزي لأنّ الوقت ليس كافياً من أجل "خلق الذهنية اللازمة لتحقيق الفوز من الآن حتى انطلاق كأس أمم أوروبا". […]
قرر الاتحاد الأميركي لكرة السلة استدعاء اللاعبين جايمس هاردن وأنطوني ديفيس بدلاً من النجمين ديريك روز ودوايت هاورد المصابين لخوض دورة الألعاب الأولمبية. […]
أعلن ناشطون سعوديون أن السابع من مايو/آيار الحالي سيكون يوما لليبرالية في السعودية. هل سيؤدي هذا الإعلان الى احتدام الصراع بين الليبراليين وبين التيار الديني في السعودية؟ وما أثر هذا الإعلان على جهود الإصلاح في السعودية ؟ […]
اطلقت القوات الأمنية السورية النار على المتظاهرين في جمعة "إخلاصنا خلاصنا" في عدد من المدن والبلدات السورية بينها دمشق ودرعا وحماة وحلب، بينما أعرب متحدث باسم المبعوث الدولي كوفي عنان أن خطته تسير "على الطريق الصحيح". […]
ايران تقول انها لن تغعلق موقع فوردو النووي مطلقا ولن تعلق تخصيب اليورانيوم، في رد على المطالب الغربية باغلاق الموقع الذي يستخدم لتخصيب اليورانيوم لدرجات عالية. […]