ردا على هراء محاه الله/مريم بنت محمد باحثة في مجال العلوم الإنسانية

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى “لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما “

الآية

وقد ورد في تفسير الشوكاني للقرآن العظيم المسمى(فتح القدير ): والظاهر من الآية  أنه يجوز لمن ظلم أن يتكلم بالكلام الذي هو من السوء في جانب من ظلمه …وأن يدعو عليه “ص 828 ج1

لقد قرأت ما كتبه المدعو حماه الله بن السالم وهو –كما يقال محسوب على أساتذة التاريخ بجامعة انواكشوط – حمانا الله وإياكم من شر كل ذي شر،حاول أن يفرغ ما في جعبته من مفردات البذاءة والسب وفحش القول على ناحية من نواحي بلاد شنقيط ،فلم يترك فيها بشرا ولا حجرا ولا مدرا إلا سامه شتما وتبخيسا دون أن يكلف نفسه عناء تقديم أي دليل حتى ولو كان ضعيفا ،حيث تحامل هذا الشخص على منطقة الشمال أو الساحل ولم تنل منه الشفقة والتعاطف في المنطقة على المديين الجغرافي والتاريخي سوى ما ذكره “عن مظالم حقيقية وقع ضحيتها مغامرون أوربيون مساكين” !  ،ثم يواصل في هذا الهراء مدحه للأوربيين متخذا منهم شهداء على الناس، وليس كل الناس ،بل العلماء الصلحاء المجاهدين في الله حق جهاده كشيخنا الشيخ ماء العينين ،وتبلغ ذروة انمحائه–محاه الله – وتماهيه في هؤلاء الكفرة الفجرة عندما يفضل التيه الإسرائيلي على ما أسماه “التيه التيرسي” بل ويشكك في تيه بني إسرائيل الوارد في القرآن الكريم ،حيث يقول “يقال أن بني إسرائيل ظلوا يتيهون أربعين سنة ” -وإن بعد القول وضعتها كما وضعها صاحبها فهو المسؤول عن وضعها –والله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه عن تيه بني إسرائيل :” قال إنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تاس على القوم الكافرين ” المائدة الآية 26 واستنتج من خلال ما قال إنه تمهد لدى الكتاب الغربيين –مثله الأعلى في اللاشعور ،”أن حب الشماليين للبان الإبل ولحومها أنتج قلقا في الانتماء أفضى إلى شعور بالبحث عن هوية هم في طلابها إلى اليوم  ” تلك الأنعام التي فضل الله على غيرها وذكرها في غير ما آية حيث قال جل من قائل “زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب “وقال ابن كيسان (الأنعام الإبل والغنم والبقر ،فإذا قلت نعم فهي الإبل خاصة )وكذلك قاله الفراء وفيه قول حسان :

وكانت لا يزال بها أنيس                     خلال مروجها نعم وشاء

والمزين هو الله تعالى كما قال عمر رضي الله عنه ،حكاه عنه البخاري وغيره.

وحب الإبل والتعلق بها من صفات العرب وخصائصهم فلا نتبرأ منه بل نفتخربه.

ويمضي هذا المفتري يطلق التهم جزافا تجاه أمة بكاملها ،فيتهم مجاهديها الذين سطروا ورووا بدمائهم الزكية كل شبر من هذه الأرض ضد المعتدين الغزاة : إنجليز أوبرتغاليين أو فرنسيين أو إسبان ” فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا “

الآية

وأن أصحابها هم مغامرون يبحثون عن قليل من متاع الدنيا ،وأحيانا يعمم ذلك على موريتانيا كلها ويرى أن (في الحديث عن المقاومة والجهاد في موريتانيا كثير من التجوز) ونكتفي هنا بما كتبه الباحثون المقتدرون الذين ردوا على هراءات محاه الله ،  ولا نقف كثيرا عند موضوع العبث اللغوي الذي يمارسه هذا الأمازيغي –كما يحلو له أن يسمي نفسه – ولكننا سنتناول الأهم من خلال النقاط التالية :

*التذكير –إن كانت هناك حاجة لذلك – بأن هذا النوع من الدعوة للتجزئة للبلاد ،لم يكن  يوما يخدم غير المستعمرين تبعا للسياسة المعروفة لديهم بسياسة (فرق تسد ) والتي يبدو أن هذا الشخص مسكون بها ،لحاجة في نفسه أو نفسيته وربما لأن(المغلوب مولع بتقليد الغالب)كما يقال ،وإلا فما الدافع لهجوم هستيري كهذا على المنطقة ؟!!!

*التذكير بما قاله العلامة المؤرخ أبو زيد ولي الدين عبد الرحمن بن خلدون للمؤرخين -وليس لأدعياء التاريخ – في مقدمته :

(اعلم أن فن التاريخ فن عزيز المذهب جم الفوائد ،شريف الغاية … فهو محتاج إلى مآخذ متعددة ،ومعارف متنوعة ،وحسن نظر وتثبت يفضيان بصاحبهما إلى الحق وينكبان به عن المزلات والمغالط ،لأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني ولا قيس الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب ،فربما لم يؤمن فيها من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق )ص21 ،أحرى إذا بنيت على الافتراء والاسترسال فيه.

*التذكير بأن الفجوة التي يتحدث عنها الشخص لم تنعت بها أية منطقة من الشمال أحرى تيرس التي كانت ملهمة للعديد من العلماء والشعراء والكتاب ، حيث يقول عنها المؤرخ المشهور أحمد ولد ألمين الشنقيطي في كتابه ذائع الصيت (الوسيط في تراجم أدباء شنقيط) :

“(تيرس ) أرض مشهورة ،واسعة جدا ،…وهي من أجود ما سمعنا به أرضا .”ويذكر في حديثه عن خصوبتها أن المطر إذا نزل بها أمرعت عدة سنوات ،وأن الإبل بها تنمو نموا خارقا للعادة ،حيث يصبح الفصيل جملا قادرا على حمل الأثقال في سنته الأولى وأن الأنثى

منها ربما تلد لسنتين، ويقول :” وهذا لا يوجد في غير تيرس ولا يوجد في أرضها مرض الذباب …وأهلها أشد الناس كلفا ببلادهم ” ص439وما بعدها

 ولعل من المناسب هنا أن نورد قطعة شعرية للعلامة كمال الدين  محمذ المجيدري ولد حبلل وهو في المغرب يتشوق إلى أهل تيرس حيث يقول :

يا من يرى ولا يرى    عني الكروب نفسي

لقد نفى عني الكرى    شوقى لأهل تيرس

واجعل لأمر عسرا     يسرا بلا تعكس

لهفي عليهم نبلا        مهذبين فضلا

إن قيس معبد على     غريدهم كالأخرس

أو قيس سحبان على   بليغهم لم ينبس

حب المهيمن جرى   في الدم منهم وسرى

وامتثلوا ما أمرا      به أجل قابس

واجتنبوا ما حظرا    من خبث ورجس

منزلهم رحب الذرا  وكومهم شم الذرا

فاقوا جميع من قرا  وخط بالأباخس

هم كرام ذا الورى   هم ثمال البائس

وهذا العلامة الولي محمد بن سعيد  الديماني صاحب كتاب (الذهب الإبريز في تفسير كتاب الله العزيز)وهو غني عن التعريف -إلا لمن جرح بجهله للأعيان-يقول :

إن أبناء بارك الله فيه          ورثوا المجد من كرام ذويه

ثم حلوا جيد الليالي وذبوا      عن طريق النبي وتابعيه

شرف ينطح النجوم بروقيــــــــه سموا من غير عجب وتيه !

وقال العلامة عبد الله بن سيد محمود الحاجي في شأنهم :

بنو أبي القطب زيد      علوا على كل عال

فاقوا جميع البرايا       بجمع خمس خصال

حلم وعلم وجاه          دين وحسن نوال

فالمكر مات لديهم       بالمكرمات العوالي

فهم يمين الزوايا        وغيرهم كالشمال

شد الرحال إليهم        فهم محط الرحال

وهذا العلامة سيد أحمد المعروف بالجكني المجلسي يقول :

لوقوعي بربوعكم قد كفاني         وشفاني جواركم ورفاني

أنتم بغيتي وأنتم شفائي              أنتم الشام لي وأنتم يماني

وهذا العلامة  سيدي عبد الله بن محمد بن القاضي العلوي المعروف بابن رازكه ،أول شاعر موريتاني كما يقول الباحثون في مجال الأدب  مادحا خليله العلامة مسكه ولد بارك الله يقول :

تيجريت ذات النيل بالله خبري          بجود غمام أم بجود يدي مسكا

هما تعطيان النوق قبل سؤاله           والأبحر بعد الغوص إعطاؤها السمكا

وما مسك إلا جنة دنيوية                 به أضحك الله الورى وبه أبكى

وللتذكير هنا فمسك هو صاحب أول شهادة تزكية من خارج البلد (شنقيط) ،حيث أجازه الشيخ العلامة المعروف محمد بن ناصر الدرعي المغربي بجميع مقروءاته ومسموعاته ومن أراد الزيادة فليطالع كتاب العمران للعلامة محمد عبد الله بن البخاري بن الفلالي الباركي،وسيجد كذلك معلومات أوسع عن تيرس وأهلها وكيف عمروها وأقاموا فيها مجدا أثيلا بعيدا عن فجوة (محاه الله )

ويقول العلامة الشاعر الفذ حبيب الله بن محمد بن محمود الباركي في قصيدة له  :

فسل بها قلبا نأى بطن تيرس        وعينا بها نالت سرورا وأنعما

كما يقول فتاها الفتى فتى بن سيد آمين بن الشيخ محمد المامي حنينا وشوقا إليها :

فرب ليال قد لبست قطائفا           عليهن وشي من حرير وسندس

معي فتية شم الأنوف غطارف       بأبيض صاف الترب من بطن تيرس

هنالك نلنا صفوة من زماننا          فمن شاء فليحسن ومن شاء فليس 

ويقول العلامة الشاعر والأديب محمد  عبد الرحمن بن المبارك بن اليمين القناني الشريف:

لقد هاج لي شوق الأفاضل مربع    قديما بحافات الزفال ومرتع

مرابع أقوت من سجايا عصابة      تحلوا بأخلاق تلوح وتلمع

بنوا قصر إنفاق وبيت مروءة       وشيد مبناه الكواكب الاربع

وهذا علم أعلام تيرس ،بل شنقيط ،بل الأرض مؤخر في رتبة التقديم يقول في رائعة من روائعه -العصية على الأعلام فكيف بغيرهم- المسماة الدلفينية :

وفيكم علماء  جائلون زكت      أحلامهم في الورى والفضل والدين

وفيكم أولياء حجج سمرت       بذكرهم في الورى مصر وبلقين

من أسرة ذكرت بالخير عن بعد    من زهدها وتقاها البر مشحون

قد سودت سيد عبد الله أعصره     ومسكة أمسكت عنه السلاطين

سيدي عبد الله المذكور وهو القاضي سيدي عبد الله بن الأفضل بن بارك الله فيه ،وقد تولى منصب القضاء بمصر وغزة بفلسطين عشر سنوات ،ويكفيه فخرا أن العلامة سيدي عبد الله بن الحاج ابراهيم العلوي يذكر في مؤلفاته أنه أخذ عنه العلم خاصة علم التفسير ،كما روى ذلك  أيضا الخليل النحوي في كتابه (المنارة والرباط) وقد سماه الشيخ محمد المامي بفحل تيرس عندما عرض كتابه المشهور (كتاب البادية ) على العلامة سيدي أحمد  نجل سيدي عبد الله بن الأفضل فزكاه وأثنى عليه ،فقال الشيخ مفتخرا بهذه التزكية منه ومن غيره من أعلام المنطقة “

ولم يعبه نجل فحل تيرس                     وأحمد الدولة بدر المجلس

والفحل عبد الله نجل الفاضل                 خالي حامي الدف ذي الفضائل

كما  يقول الشيخ محمد المامي وكأنه بيننا الآن :

وإن تفخر على ذي اللؤم يركن          إلى العوراء منطقه ركونا

إلى ذاك الضرورة ألجأته               أيحبس في الديون المعدمونا؟

والشيخ محمد المامي الذي لم يسلم من سفاهات –محاه الله- هو العالم اللدني الرباني الذي لم يعرف له شيخ أخذ عنه العلم ،حيث يقول في خاتمة نظمه الفريد لمختصر خليل ،وقد أقر له القاصي والداني بالتبحر في العلم وبلوغ درجة الاجتهاد قبل أن يبلغ العشرين من عمره :

فدونكم إبل نظم لا تلد                  تحمل أثقالكم إلى بلد

ولم يكن مصريكم والتونسي          بالغه إلا بشق الأنفس

أعطاكموها فاتح الأبواب            وإنما كنت من الأسباب

بجذبة من مالك الخطام               ونية فاترة العظام 

وشربة من بحر نور سلسل      بين يدي في النوم خير مرسل

وقد اشتهر بوفرة مصنفاته حتى قال فيه العلامة الجليل محمد الخضر بن حبيب الباركي مؤلف الكتاب الذخر (مفاد الطول والقصر ):”ما علمت في الأمة أكثر من الناظم – يعني الشيخ محمد المامي- تصانيف ،فهو أعجوبة دهره ،ولو سراج الدين بن الملقن أو السيوطي فيما أرى … وحكى لي من يوثق به أنه قال له :ألفت في القرآن مائة مؤلف ،وقال لآخر :لم أولف في الفقه لأنه فني ،وإنما وضعت فيه أربعمائة فقط ” .

وقد قال له العلامة محنض بابه بن اعبيد الديماني عندما قرأ نظمه لخليل “أدرك الفقه فقد خرج من الأيدي ” فكان ذلك مما دفعه إلى تأليف كتاب البادية .

ولعل من المفيد هنا أن نذكر أن العلم في هذه المنطقة لم يكن حكرا على الرجال –وإن بلغوا فيه ما لم يبلغه غيرهم –بل لنسائها نصيب وحضورلا يستهان به أيضا، من ذلك أن أول امرأة قرضت الشعر في بلاد شنقيط كلها كانت العالمة الربانية الشاعرة الأديبة الشيخة أم المشايخ والأعلام  السيدة مريم بنت أحمد بزيد حيث يقول عنها العلامة الأديب الصالح محرر المرأة المعاصر رحمه الله تعالى أحمد بابه بن بودرباله الباركي في كتابه تاريخ حياة أهل باركلل :

“وما عرف شعر قيل في هذه البلاد قبل  شرببه وبقي محفوظا إلى الآن إلا أبيات مريم بنت أحمد بزيد، وهي :

علينا من الرحمن سور مدور             وسور من الجبار ليس يسور

وسور من السبع المثاني وراءنا            ويا حي يا قيوم والله أكبر

إذا كنت وحدي سائرا في مضلة          وحولي من الأعداء ما ليس يحصر

فإن إله العرش يكلأ حافظا                وحسبي به إن كان حفظي ينكر

أمام وخلف المرء من لطف ربه          كوالئ تنفي عنه ما كان يحذر

ترى الشيء مما يتقى فتخافه              وما لا ترى مما يقي الله أكثر

فهذا ضمان من الله رحنا لحرزه         وذمته مما يخاف ويحذر

ولا شك أن هذه السطور لا تكفي ولا تفي ،و حسبها أن تكون إثارة في هذا البحر الزاخر قرونا بالأمجاد والآثار التاريخية والعلمية السامقة الشامخة في ربوع تيرس الحبيبة إلى قلوب كل الناس ،حتى أن المنمي العادي في أقصى مشارق هذه الأرض ومغاربها ما إن يسمع أن مزنا حام فوق أرضها ،أو برقا لاح في سمائها إلا شد الرحال إليها ،غير آبه بما يرفل فيه من مراعي خصبة في وطنه ،وأن حجاجها من مرضى الأبدان المستشفين بهوائها

وألبنان مواشيها ولحومها الغنية بنبات (آسكاف) التي هي تحريف خفيف لكلمتي: آس كاف أي طبيب شاف الذي يفوق في شهرته شهرة جامعة الدول العربية برمتها فكيف بمعهد تابع لها وهذه الإشارة يفهمها – محاه الله –

أما مرضى العقول والمرضى النفسانيون فإن بالمنطقة متخصصون في علاجها ،ولا يتطلب الأمر رفعا إلى الخارج ،وقد تكفي المصاب محاكاة لأصوات أو حركات بعض الحيوانات حسب ما يلائم طبيعته ومزاجه ،سواء كان ذئبيا أو كلبيا أو قرديا …إلخ

                                      (يتواصل )

الباحثة في مجال العلوم الإنسانية :مريم بنت محمد

شارك بتعليقاتك !

     .................................................................................................................................................................................................................................

Copyright � 2012 Hiaad.Net

السراج

 الحرية

العربية

صحراء ميديا

 RIMADMIN

 موريتانيد

Desgin & Dev By T-Zone

كووورة

الجزيرة

�����

Bbc

روتانا

سيدتي

........................................................

الغد

Google

Yahoo

Facebook

msn

اخبار انفو